Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / آراء / شخصنة الأزمات جزء من الأزمة

شخصنة الأزمات جزء من الأزمة

كيوسك أنفو 25 يوليو 2022 - 19:06 آراء

شخصنة المشاكل وجمعها ومحورتها  في شخص معين مهما كان موقعه ومسؤولياته هو من بقايا التفكير الأسطوري القديم، الذي يعتقد أن “المنقذ”  شخص واحد سيأتي، كما يعتبر أن سبب مشاكل البشر شخص معين كذلك، المنقذ يرمز للأمل ولانفراج الأوضاع، بينما يرمز الشخص المسؤول للشر، فتتم التعبئة ضده بكل الوسائل، حتى يبدو في صورة “عدو الشعب، ولكن سرعان ما تنكشف محدودية هذه النظرة عندما يتم التخلص من الشخص غير المرغوب فيه، والذي تتم شيطنته على نطاق واسع، ليبقى الوضع على ما هو عليه، ويأتي شخص آخر يتم استعماله بنفس الطريقة وهكذا دواليك.


إن هذه النظرة الأسطورية عائق أمام التغيير، لأن السبب الحقيقي في أزماتنا ليس شخصا معينا، بل هو نسق كامل بنيوي من الفساد، متوارث عبر أجيال من التراكمات السلبية، يمكن داخله تغيير الأشخاص يوميا دون أن تتحسن أوضاع الناس.


إن الوعي المواطن الذي ينبغي أن نرقى إليه هو الذي يدرك بأن لعبة التحامل على شخص معين في الحكومة، هي لعبة في صالح السلطة، وفي صالح استقرار الأوضاع على ما هي عليه من خلل، حيث يتم التضحية بالشخص غير المرغوب فيه عند الضرورة، ليعتقد الناس في حدوث تغيير ما، وليجدوا أنفسهم بعد ذلك في نفس وضعهم السابقويعبر العامة من البسطاء عن هذا الموقف بالقول متحدثين عن المسؤول الحكومي “إضرق وجهو علينا !”، معتقدين أن اختفاء وجه الوزير هو بمثابة حل لمشاكلهم.


من جانب آخر، فالهجوم على شخص معين يوهم الناس بأنهم يمارسون “محاسبة” لمسؤول حكومي، وهذا ما تريده السلطة بالذات، لأن المحاسبة الشعبية على “الفيسبوك” تغني وتغطي على المحاسبة الحقيقية المنصوص عليها دستوريا،  وهي المحاسبة المؤسساتية والقانونية، ولهذا لا يقف المسؤول الحكومي أبدا أمام القضاء، كما لا يتم إصلاح الوضع التي اتهم وحده من طرف الجمهور بإفساده.


شيطنة الأشخاص وشخصنة مشاكل البلاد، اعتمدت بإفراط في مصر وتونس وليبيا واليمن والعراق، ذهب الأشخاص ولم تتغير أحوال الناس بل ساءت كثيرا، لأنهم تعرضوا لواحد من مظاهر الخلل، ولم يغيروا النسق والتقاليد المرعية، ولم يفككوا مافيات الفساد التي يرعاها، ولوبيات الاستبداد التي يقوم عليها، ولهذا لم يحدث التغيير المطلوب، لا في عقول الناس ولا في دواليب الدولة.


إن شخصنة الأزمات هو في الحقيقة جزء من الأزمة نفسها، ولا يمكن أن يكون حلا لأي شيء.

شاركها LinkedIn