Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / آراء / شيطان "هيومان رايتس ووتش"

شيطان "هيومان رايتس ووتش"

كيوسك أنفو 02 أغسطس 2022 - 23:08 آراء

مريم جمال الإدريسي(*)

أصدرت المنظمة غير الحكومية الدولية “هيومان رايتس ووتش” تقريرا من 151 صفحة، تحت عنوان مقتبس من إحدى مقولات المدان عمر الراضي “بطريقة أو بأخرى لن تسلم منهم”(D’une manière ou d’une autre ils t’auront).

 

تقرير اختير له سياق زمني مقصود حيث يحتفي الشعب المغربي بكل مكوناته بذكرى عيد العرش المجيد، وهو التقرير الذي يتجلى بعنوان يجهض الحياد والموضوعية منذ المنطلق.

فاختيار مقولة المدان عمر الراضي المدافع عنه كضحية انتهاكات لحقوق الإنسان هو اصطفاف غير محمود نحو أحكام قيمة جاهزة واتهامات مجانية غير مستندة إلى أدلة قائمة، اتهامات تهدم بنيان السلطة القضائية وتمس باستقلاليتها، وبالتالي تسيء إلى السمعة الحقوقية لدولة اختارت الالتزام بالمواثيق الدولية الناظمة لحقوق الإنسان عبر دستورها، بكل إرادة حرة انبثقت من مخاض حقوقي أفرزه تاريخ التحولات السياسية التي عاشها المغرب وطنيا ودوليا.

قرير “هيومان رايتس ووتش” الذي ورد من بين عناوينه “التفاصيل تسكنها الشياطين” في محاولة لترتيب أحداث انتهاك محاكمات اعتبرها غير عادلة فسقط في المحظور المرفوض، واعتمد ما قيل ويقال من قبل المدانين والمتهمين ومن ناصرهم بمنطق القرابة أو اتحاد المصلحة، بعيدا عن آليات التحقيق المفترض اعتماده من قبل المنظمات غير الحكومية الدولية الذي يرتكز على العمل المباشر والتفكير النظري والأكاديمي والفقهي والرأي الاستشاري والعمل القانوني والتدويني والتوثيقي لإصدار تقارير وتوصيات ذات مرجعية علمية وفكرية عالية تكون ملاذا آمنا للممارسين والسياسيين والمقررين لاستقاء ما ينفع برامجهم وقراراتهم.

للأسف، اختارت هذه المنظمة التضحية بأخلاقيات العمل الحقوقي والقيم الإنسانية لمناصرة مدانين بقضايا جنائية لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير، وعلى حساب من؟

على حساب نساء ضحايا اعتداءات جنسية خطيرة، اعتبرتهن المنظمة آليات وأدوات لتصفية حسابات سياسية.

نساء أخضعتهن المنظمة لمنطق التشييء الذي لطالما ناهضته العقلية الحقوقية ورفضته المواثيق الدولية الناظمة لحقوق الإنسان عامة، وحقوق النساء خاصة.
مؤلم أن تنهار القيم الإنسانية والأخلاقيات الحقوقية انهيار الجبل المبتل بدموع تماسيح استباحت الأجساد والأعراض واختارت المتعة بلذة العنف الممنهج الذي ألبسه التقرير لبوس الرضائية، وعن أية رضائية نتحدث؟

 

أهكذا تصاغ الأحكام ضد النساء المغربيات اللائي اخترن العمل في مؤسسة إعلامية كان يرأسها المدان توفيق بوعشرين، أو شبيهه كما قيل في التقرير، والذي بدل أن يكون الحاضن والمؤمن لسلامة وسمعة الأجيرات كان المستبد والمعتدي على أجسادهن تحت عدسات الكاميرات، وهنا لا ضير في طرح التساؤل، من قال لكم إنه ليس توفيق بوعشرين؟ أليس نفسه محمد زيان الذي انتهج خطة دفاع همجي هجومي مفعم بالكذب المقصود، والتضليل الممنهج والتشهير بالضحايا والمساس بسمعتهن أمام منابر إعلامية مختلفة لغاية هدر الحق في النسيان الذي يعتبر من أسمى الحقوق الإنسانية التي تصون مستقبل الضحايا ومن تضرر من محيطهن، وها هو اليوم يكافأ بمناصرة علنية بهذا التقرير، الذي زاغ عن منهج التحرير المستقل والشفاف إلى منطق المحاباة والمكافآت، والذي اعتمد الكذب على الأحداث وعلى القانون، واعتبر مدة محاكمة عمر الراضي وسليمان الريسوني التي ناهزت السنة اعتقالا تعسفيا في تجاهل تام ومقصود لمقتضيات المادة 176 من قانون المسطرة الجنائية التي بالفعل حددت السنة كأقصى مدة للاعتقال الاحتياطي ولكن في التحقيق الإعدادي وليس في المحاكمة، التي وإن طالت يوما فبسبب طلبات دفاع المتهمين المتكررة الرامية للتأجيل أو التأخير دون مبرر مفهوم إبانها، لكن اليوم اتضح المبرر والسبب الذي كان مادة دسمة لهذا التقرير .

ثم يقال كما قيل على لسان المتهمين إنه تم حرمانهم من الاطلاع على وثائق قضيتهم، وهو الأمر الذي يفضح الكذب الذي لا يقبل ولا عذر له، إذ إن المادتين 15 و139 من قانون المسطرة الجنائية تحدثتا عن سرية التحقيق وعن حق الدفاع في الاطلاع، ولا ضير بعد حين، ألم يتمكن المتهمون من نيل وثائق ملفهم أثناء بدء المحاكمة كما جاء في ذات التقرير؟

واليوم يحق لنا مساءلتكم: لماذا كل هذا الحشو، وهذا التفصيل الذي اسكنتموه شيطانكم ولا شيطان غيركم؟

ويأتي الحديث عن مدة اعتقال دامت ثلاثة أشهر إبان التحقيق الإعدادي في مواجهة المعطي منجيب، وأين الإشكال؟ وأين الخرق؟ وما هو التجاوز؟

إن كانت مدة الاعتقال الاحتياطي لدى السيد قاضي التحقيق في الجنح محددة من قبل المشرع في مدة أقصاها ثلاثة أشهر، فلو تجاوز القاضي المذكور هذه المدة لضممنا صوتنا لصوتكم رافضين كما نرفض دائما خرق القانون.

أنتم منظمة غير حكومية تعنى بحقوق الإنسان لا يليق بكم التشجيع على خرق القوانين ولا تجاهل حقوق الضحايا ولا المساس باستقلالية السلطة القضائية.

كما لا يشرفكم التهجم على مؤسسات إعلامية ومنابر حرة بمنطق تصفية حسابات أنتم وحدكم أو ربما مع من تدافعون عنهم الأعلم بخباياها وأسبابها ودوافعها، ولعل الإشارة إلى موضوع الوحدة الترابية كيفصل لتصنيف الصحافيين هو خير دليل على موقعكم وموقفكم المسبق تجاه الوطنيات والوطنيين الأحرار.
وفي إطار مسلسل المغالطات دائما، جاء في التقرير اتهام مجرد، بإجبار الشهود على النطق بإفادات لصالح الإدانة، وأتت أسماء ثلاثة نساء، وهن عفاف برناني وأمال الهواري وحنان بكور، اللائي أحضرن للمحكمة للإدلاء بشهاداتهن من خلال مقتضيات المادتين 339 و128 من قانون المسطرة الجنائية، أي عن طريق استعمال القوة العمومية، وهو الأمر القانوني والعادي بعد رفضهن الحضور والامتثال للاستدعاءات الموجهة إليهن.

فيض من غيض، والحديث قد يطول والرد بالحجج القانونية لو اتسع المجال في هذا المقال لنجردن تقريركم وسمعتكم أيضا من الشرعية والمشروعية ولنكشفن بما يكفي ويشفي الخلفيات السياسية التي تحكم مصالح من يمول ومن يضغط ومن يؤثر في قرارات وتقارير المنظمات غير الحكومية الدولية التي زاغت عن خطها الحقوقي، وقيمها الإنسانية لفائدة مصالح ترمي إلى إعادة ترتيب العلاقات الدولية بما يخدم مآرب خاصة.

(*) محامية

شاركها LinkedIn