الوقائع: صوت مجلس النواب في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 8 يونيو الجاري، برفض مقترح القانون القاضي “بإلغاء وتصفية نظام معاشات أعضاء مجلس المستشارين”. هذا التصويت يعيد إلى الواجهة أسئلة التداول، التصويت النهائي، وزمن إعماله…وفي النهاية محاكمة للصيغة غير الواضحة التي خط بها الفصلان 84 و85 من الدستور؛
الإشكال الدستوري: يتمثل في الجواب عن السؤال الآتي: هل التصويت بالرفض من قبل مجلس النواب، يؤدي إلى إغلاق المسطرة التشريعية، وإقبار المبادرة التشريعية؟ هذا السؤال لا نجد له جوابا واضحا صريحا، لا في الدستور، ولا في النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان، لكن هل يمكن أن نقدم تصورا اجتهاديا للخروج من حالة “الفراغ القانوني” بخصوص هذه الحالة؟
هذا الاجتهاد، في اعتقادنا، يتطلب استحضار المعطيات الآتية:
– متى نكون في حالة “التصويت النهائي” المغلق لمسطرة التداول بين المجلسين، في مثل هذا النوع من النصوص التي لم يشترط بخصوصها الدستور أغلبية معينة؟ وهل نعود في ذلك إلى الرغبة التي عبر عنها النواب، والتي يمكن أن نجد أثرا لها في محضر الجلسة العامة؟ أم أن الرفض، بعد إدخال التعديل على النص المعني، يعد إنهاءا للتداول، لأنه لم يترك فرصة لتداول المجلس الآخر عليه؟
– هل تقدير الإحالة من عدمه، في حال خُلو محضر الجلسة من عبارات تفيد “التصويت النهائي”، تعود إلى رئيس المجلس النواب، باعتباره جهة إحالة النص على رئيس المجلس الآخر، أم أن الرفض يوقف المسطرة؟ أم أن “التعديل المدخل”، يبرر الاستمرار في التداول بحكم أن صيغة هذا النص قد عدلت ولم يطلع عليها مجلس المستشارين قبلا؟
– موضوع القراءة الثانية، سيكون هو التعديل المدخل على النص، وفي حالة رفض أعضاء مجلس المستشارين للصيغة المعروضة، فإنهم سيعدلونها ويرجعوا إلى مجلس النواب الصيغة التي سبق أن أحيلت إليه، وأن المجلس المذكور، انسجاما مع موقفه الأول سيصوت بالرفض من جديد، مما سيقود إلى إعادة طرح السؤال السابق، هل سوف نستمر في التداول، ما دام هذا النص يعني حصرا أعضاء مجلس المستشارين، أم نصوت تصويتا نهائيا على النص المعروض؟
– هل مسطرة التداول واحدة بخصوص المشاريع ومقترحات القوانين؟ أم أن هذه الأخيرة تتطلب قواعد وضوابط خاصة بالنظر لغياب طرف الحكومة عنها؟ وبالتالي، فإن التداول، كما القراءة النهائية يجب أن يكونا لها مضمونين مختلفين بحسب حالة المشروع أوحالة المقترح؟
الحل المقترح: لنتركه للممارسة، ولنتابع التعليق عليه فقهيا…
*استاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس الرباط