Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / أخبار مغاربية / في الذكرى الـ30 لاغتياله... الجزائريون يواصلون البحث عن القاتل الحقيقي لمحمد بوضياف

في الذكرى الـ30 لاغتياله... الجزائريون يواصلون البحث عن القاتل الحقيقي لمحمد بوضياف

دلتا عطاونة 28 يونيو 2022 - 23:40 أخبار مغاربية

تمر يوم غد الأربعاء 29 يونيو، ثلاثون سنة بالتمام و الكمال على لحظة اغتيال الرئيس الجزائري محمد بوضياف… تلك اللحظة التي، ما تزال حتى يوم الناس هذا،  تعتبر الجريمة السياسية الأشهر بالتاريخ المعاصر للمنطقة المغاربية، و اللغز الأكثر غموضا بالجارة الشرقية بحكم استعصاء الإجابة عن سؤالين رئيسيين: “من أمر بتنفيذ العملية؟ و لماذا؟”.

لم يكن محمد بوضياف، القيادي التاريخي بجبهة التحرير الوطنية، يعلم أن استجابته لنداء الجنرال خالد نزار الذي دعاه لتولي منصب رئيس الجمهورية الجزائرية خلفا للشاذلي بن جديد، سيكلفه حياته برصاصات في الظهر…

كانت الجزائر لحظتها منقسمة و على شفا حرب أهلية بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ و الجماعات الإسلامية المسلحة من جهة، و المؤسسة العسكرية من جهة ثانية. هذه الأخيرة التي قامت بانقلاب عسكري أبيض في 11 يناير 1992 أجبرت من خلاله الرئيس الشاذلي بن جديد على تقديم استقالته، ثم قامت بإلغاء الانتخابات و حل البرلمان معلنة حالة الطوارئ.

تدابير  خلفت سخطا عارما في أوساط المجتمع الجزائري، ما لبث أمامه الجنرال خالد نزار أن اضطر إلى البحث عن رئيس مدني للبلاد لعله ينجح في إيجاد التوازن المفقود.

و لأجل ذلك تم ربط الاتصال بمحمد بوضياف، صاحب مقولة “الجزائر قبل كل شيء”، و إقناعه بالعودة من منفاه بمدينة القنيطرة لتولى رئاسة الجمهورية، لما يتمتع به الرجل من سجل تاريخي مشرف في الثورة الجزائرية.

عاد إذن محمد بوضياف إلى الجزائر و ترأس المجلس الأعلى للدولة الذي عهد إليه بتسيير البلاد، لكنه ما لبث أن وجد نفسه في خضم مصادمات لا تنتهي بين المؤسسة العسكرية والجماعات الإسلامية والتي كانت لا تتوقف عن شن الهجمات على القوات الجزائرية والموظفين وضباط الشرطة وعائلاتهم والأجانب المقيمين في الجزائر…

فكان الهم الأول للرئيس الجديد هو العمل على المحافظة على البلاد متماسكة في وجه الانقسامات التي كانت تخيم عليها، لكن القدر لم يمهله طويلا بعدما امتدت إليه يد الغدر و تمكنت من اغتياله في نفس العام الذي تولى فيه الحكم.

حدث لك في يوم 29 يونيو من العام 1992، حين توجه الرئيس الراحل إلى مدينة عنابة، البعيدة عن العاصمة بحوالي ستمائة كيلو متر، للقاء عدد من المسؤولين وممثلي المجتمع المدني… و هناك فوق منصة القاعة الرئيسية بقصر الثقافة، كان ينتظره، وراء ستار، الملازم في القوات الخاصة الجزائرية، مبارك بو معرافي، عسكري مقرب من الجنرال خالد نزار، و تم إلحاقه بالوفد الأمني المرافق لبوضياف في زيارته لعنابة بطريقة مشبوهة للغاية…

بدأ الرئيس في إلقاء خطاب بالمناسبة، أمام حشد من إطارات الدولة وممثلي المجتمع المدني، وكاميرات التلفزيون الجزائري، و عندما بلغ مقطعا قال فيه: “… الدول التي سبقتنا.. بماذا سبقتنا.. بالعلم.. والإسلام”، ألقى بومعرافي، حسب التحقيقات الرسمية، قنبلة يدوية اتجاه المنصة، تلاها وابل من طلقات رشاش كانت موجهة لرأس بوضياف، لم تمهل الرجل طويلا  ليلفظ أنفاسه الأخيرة، عن عمر ناهز 73 عاما، على متن طائرة هليكوبتر كانت تقله إلى مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة…

قُتِل بوضياف و خلفه علي كافي على رأس مجلس أعلى للحكم مكون من خمسة أعضاء تسلموا مقاليد حكم البلاد، أما مبارك بو معرافي، فحُكِم عليه بالمؤبد و تم وضعه بجناح خاص بسجن البليدة العسكري، تحت حراسة أمنية مشددة، لا يصل إليه أحد و لا يتحدث إلى أحد بما في ذلك حراس السجن، فيما كان يتم تسجيل مأكله و مشربه في دفتر خاص يوقع عليه أسبوعيا قائد أركان الجيش شخصيا…

معزولا إذن عن العالم إلا من قطط كان يربيها ويحسن إليها، قضى بومعرافي أيام السجن ملتزما الصمت، فيما زنزانته مجهزة بكاميرا مراقبة وأجهزة تصنت، تلتقط كل صغيرة وكبيرة وتسجل حتى ما يهتر به خلال كوابيسه الكثيرة…

ولا يسمعون منه إلا أغنية كان يرددها بلحن خاص به، يقول فيها:

“ظلموني… خدعوني…

وفي الحفرة حطوني… ما قتلوني وما سيبوني كيما وعدوني…

خدعوني… خدعوني… !!”

شاركها LinkedIn